ظاهرة تسمم الحمل (Toximia, Pre Eclampsia)
اخواتي العزيزات، مقالي هنا موجه لكن جميعا ً ولكل ام حامل لأرجو من خلاله الفائدة وعم الفائدة كي نرقى بمجتمعنا الى درجة الوعي العام الضروري الكافي لتمام الصحة والعافية بمشيئة الله بعد التوكل عليه.
قد تشهد فترة الحمل ظاهرة تتخللها تعقيدات صحية ومضاعفات شاذة مصحوبة بارتفاع في ضغط الدم، تصل الى حد خطير تصيب فيه بعض الأعضاء مثل الكبد والكلى بالضرر، هذه الظاهرة المرتبطة بالحمل تسمى جدلا ً بـ"تسمم الحمل" بالرغم من انها إنما هي ردة فعل مختلفة من قبل جسم الام الحامل تجاه الحمل ، ليست تتخللها بالضرورة عملية تسمم حقيقية، وتظهر عادة في المرحلة المتأخرة من الحمل ومنذ منتصفه الثاني يزيد احتمال وقوعها، خصوصاً قرابة فترة الوضع، حتى يومنا هذا لم يفلح الطب الحديث بتحديد السبب المباشر لتسمم الحمل وهناك عدة نظريات واحتمالات تركز على امكانية ان يكون السبب متعلقا ً بمشاكل خاصة بخلل في وظيفة المشيمة وأدائها، لكن لا احد يشير بقوة الى سبب محدد واضح لهذه الظاهرة.
تتسم ظاهرة "تسمم الحمل" بمضاعفات طبية عدة ، قد تقتصر فقط على ارتفاع في ضغط دم الحامل Gestational Hypertension، وقد تتخللها منظومة من العوارض لكن ارتفاع ضغط الدم يبقى جزءا لا يتجزأ منها Pregnancy-Induced Hypertension-PIH، هذا بالاضافة الى ترسب البروتينات في البول ، وظهور الانتفاخات والتورمات في الاطراف، ، لظاهرة تسمم الحمل مستويات ودرجات تتحدد خطورتها بحسب مدى ارتفاع ضغط الدم وكمية البروتين المتسللة الى البول وبحسب نتائج الفحوصات المخبرية والعصبية ، في الحالات الاكثر تعقيدا ً نجد انخفاضا في عدد الصفائح الدموية وتضررا في كريات الدم الحمراء والكبد وهي حالة تدعى متلازمة: HELLP SYNDROME. هذه المتلازمة تسبب ارتفاعا ً متطرفا ً في انزيمات الكبد بالاضافة الى تحلل الدم (hymolysis )وانخفاض عدد الصفائح الدموية بشكل خطير. وفي حالات اكثر حرجا ً تظهر اختلاجات قوية وتقلصات عصبية تشبه حالة الصرع تظهر وتختفي في فترات من السبات ويقال لهذه الحالة تشنج النفاس (פרכוס- seizure)او ارجاج النفاس، وتعرف هذه الدرجة من الخطورة بـ Eclampsia وهي في غاية الخطورة على حياة كل من الحامل والجنين على حد سواء. وقد تؤدي الى تأخر نمو الجنين او موته داخل الرحم تبعاً لشدة المرض.
بالنسبة للحامل، تجدر الاشارة ان لتسمم الحمل اعراض ظاهرة للانسان المُميِّز،خصوصا اذا ما صاحبها ارتفاع ضغط الدم منذ الاسبوع الـ20 للحمل او من بعده.
من هذه الاعراض البادية للعيان، والتي يجب التنبه لها ً:
• ظهور لون ابيض خفيف فى البول او وجود زغب بسيط ابيض فى البول
• ارتفاع درجه حرارة الجسم بشكل مفاجىء
• تورم الجسم والوجه واطراف اليدين والقدمين بشكل خارج عن المعهود في الحمل(وتلاحظ في الصباح عادة).
• الم فى البطن عامة وخصوصا في اعلى البطن الايمن(منطقة الكبد).
• زيادة حده القىء والغثيان والدوخه .
• "زغللة" في الرؤية.
• الم رأس حاد ومستديم رغم تلقي العلاج الدوائي.
• ارتفاع مفاجيء وكبير في الوزن.
• شح في البول خصوصا في الحالات المتأزمة من الظاهرة.
فعلى الحامل اذن ان تتنبه جيدا لمثل هذه الاعراض، وفي حال وجود أي منها ان تتوجه فورا لاجراء التحاليل المخبرية لفحص الدم والبول وقياس ضغط الدم.
أضيف أيضا، أن بعض النساء هن اكثر عرضة من غيرهن لتسمم الحمل ، هؤلاء النساء ينتمين الى مجموعة الخطر أي ان عوامل الخطر للتعرض لتسمم الحمل واردة لديهن بشكل كبير، مجموعة الخطر تضم :
• المرأة التي تعاني من ارتفاع ضغط الدم بطبيعة الحال ،كمرض دائم، او المرأة التي يظهر لديها ارتفاع ضغط الدم منذ بدء حملها
• سكر الحمل، وهي ظاهرة تتعرض لها 5% من الحوامل في النصف الثاني من الحمل وتتميز بارتفاع في نسبة السكر (جلوكوز) في الدم اثر خلل في استقلاب هرمون الإنسولين في الطحال، وتأثيره على نسبة السكر في الدم،وعادة ما تنتهي هذه الظاهرة بانتهاء الحمل لكن لها تأثيرات على المولود والام سواء.
• ميل وراثي لتخثر الدم (ترومبوفيليا)
• الحامل لديها في الاساس مرض عضوي في الكلى
• حمل متعدد الاجنه (اثر عملية زرع مثلا)
• حمل في جيل متقدم جدا (اقل من 18 سنه) او حمل في جيل متأخر (40 سنه فما فوق)
• الحمل الاول .
• حالة تسمم حمل في السابق لدى الام الحامل(لكن ليس شرطا ً).
يالرغم من عدم معرفة السبب الوجيه لتسمم الحمل الا ان هناك نصائح عديدة قد يفيد التزامها الوقاية من الاصابة ، منها :
• الاقلال من اكل الاطعمه الحاوية لنسب عاليه من الملح والبهار.
• الحذر من اكل الاسماك بشكل كبير فربما تحتوي على شوائب الفضة المسببة لتسمم بالفضة، ويفضل الاستعاضة عنها بكبسولات زيت السمك اوميجا 3 ،فهذه المادة اللازمة لنمو الجنين ولسلامة الام بعد الولادة مستخلصة من الاسماك على شكل كبسولات مركزة والتي يجدر بكل ام واعية ومهتمه لصحة ابنائها النفسية والجسدية ان تبدأ بتناولها منذ بداية الحمل وحتى اثناء فترة الرضاعه لما لها من اثر جيد على ذكاء الطفل وتطور قدراته الذهنية والنفسية والعصبية،فهي مادة لا ينتجها الجسم بنفسه ويحتاج اليها بشكل ملح ويكتسبها فقط عن طريق الغذاء.
• تناول ما لايقل عن 8 اكواب يوميا من الماء.
• عدم الاكثار من اكل البيض.
• هنالك شواهد - بالرغم من ان الامر ما يزال قيد البحث ومختلف فيه- بأن تناول مادة الاسبيرين بتركيز منخفض ، او تناول وجبة من الفيتامينات المركزة يوميا ، قد تساهم في تقليل احتمال الاصابة بتسمم الحمل(بالذات لمن تعرضن سابقا لتسمم الحمل)، لكن يجب ان يتم التشاور مع الطبيب المراقب قبل تناول اي اضافة او دواء اثناء فترة الحمل على اي حال.
• يجب عدم اهمال الفحوص الدورية من قبل المرأة الحامل بل والسعي الى زيارة الطبيب واجراء فحوصات مخبرية بوتيرة متقاربة خصوصا في الثلثين الاخيرين. ايضا ً، هناك فحوصات خاصة لمن هن عرضة لتسمم الحمل مثل فحص الزلال الجنيني(חלבון עוברי)- ارتفاع نسبة بروتين hCG تشير الى وجود خلل، كما ان هناك فحص دوبلر خاص بالرحم ما بين الاسابيع 20-24 من خلاله يمكن التنبوء باحتمال الظاهرة ووجودها وهو خاص بمجموعة الخطر التي اشرنا اليها سابقا ً في هذا المقال.
العلاج :
عادة ما يلجأ الاطباء في قسم العناية المكثفة الى الاسراع في توليد الحامل المصابة بتسمم الحمل اما بإجراء عملية قيصرية او من خلال ولادة طبيعية مستعجلة عن طريق اعطاء ابرة لتسريع الولادة.
المشكلة تكمن فيما اذا ظهر تسمم الحمل في وقت مبكر جدا على الولادة، عندها على الطبيب ان يقارن ما بين الخطورة الكامنه في تولد خُدّج معرّض لتعقيدات اخرى بسبب ولادته المبكرة، وما بين الخطورة الواقعة على حياة الام الحامل في حال استمرار الحمل، فهنا يفحص الطبيب الحالة من جميع جوانبها ويقدر درجة الخطورة بناء على ذلك، ولكل حالة هناك خصوصيتها الخاصة وعادة ما ينهى الحمل في الحالات التي لاتستجيب للمعالجة وتظهر تأثراً على الجنين بصرف النظر عن عمر الحمل .
في كل الاحوال، هذه الحالة تستوجب الرقود في المستشفى تحت العناية المركزة لضمان المواكبة الطبية واعطاء العلاج المناسب للاعراض بحسب طبيعتها ومسبباتها الفيزيولوجية، قد يكون العلاج بالحفاظ على الراحة فقط مع المراقبة المتواصله وقد يحتوي العلاج على اعطاء ادوية لضبط ضغط الدم ووظيفة الكلى، او اعطاء اضافات خاصة من معدن عنصر الماغنيزيوم لمنع حصول التشنجات والانقباضات وادوية اخرى، وذلك باعتبار الحالة والعارض المعالَج.
خلاصة قولنا ،هي أن ظاهرة تسمم الحمل Toximia وخصوصا حين تتطور الى اعلى درجاتها المسماة "تشنج النفاس ," Pre Eclampsia هي من اخطر الحالات التي يمكن ان تتعرض لها الحامل قبيل نهاية حملها وهي تشكل خطورة على جسم الام واجهزته ككل، من ضمنها الدماغ والكبد والكليتين والرئتين. الخ.
ويكون الخطر محدقا ً بالأم عندما تبلغ مرحلة التشنج ومن المفترض ان لاتبلغ اية حامل المراحل المتقدمة منه ما دامت خاضعة الى اشراف طبي دقيق ومنضبطه من حيث اجرائها للفحوصات وتنبهها لأية عوارض خارجة عن المألوف او اي ارتفاع مفاجيء في الحرارة وضغط الدم او تورم كبير في الاطراف يتجلى عند الاستيقاظ من النوم خاصة، او الم حاد في البطن العلوية اليمنى الخ من الاعراض المشاهدة التي اسلفنا سردها هنا في مقالنا والابتعاد ما امكن عن الضغط النفسي وتجنب الامور التي قد تسبب الاصابة بالتزام نصائح الوقاية كما ورد آنفا ً كذلك..فدرهم وقاية خير من قنطار علاج ..في حال حدوث تسمم الحمل يتم فحص كل حالة بحسب خصوصيتها وتتم معالجتها بحسب درجة الخطورة مع المراقبة المستمرة ويضطر الاطباء لاجراء توليد مبكر اذا ما وجد خطر على الام والجنين ان استمر الحمل.
وختاما ً، حملا ً سالما ً يسيرا ً أرجوه لكل أم حامل، وعلما ً نافعا ً أرجوه لكن ايتها القارئات العزيزات،وأملا ً كبيرا ً زرعته فيكن هنا، فكن محضر وعي ونواقل علم ونبراس توعية وهداية حيثما حللتن لارشاد من جهل بما عرفتن الآن.. تحياتي لكن..ودمتن في صحة وعافية.
0 תגובות:
إرسال تعليق
للتعليق من هنا