هل نبحث عن رشاقة أم عن مصدر لأزمة صحية..!
تنتشر في أوساط مجتمعنا الحاضرفكرة الحميات الغذائية الخاصة او ما يسمى بالريجيم ونراه وقد تجلى في مختلف أنواعه وأشكاله في أوساط فتياتنا خصوصا ً،ليساق على أنه ضرب من الموضة ، وفي الحقيقة أنه من الحذر بمكان أن نتلطف في معاملة جسمنا فلا نعرضه الى تقلبات سريعه ومناورات تهدد توازنه الطبيعي، و نشدد على ضرورة استبدال مفاجآت تأثير الحمية المتقطعه او الحمية الغير مدروسه او ما يعرف بالسريعة التخفيف قليلة السعرات، يفضل استبدالها بنظام غذائي مستديم متوازن كي يتعايش معه الجسم ويتكيف إليه في راحة بحيث يوفر للجسم كل احتياجاته الأساسية من المصادر الغذائية المختلفة من اجل القيام بعمليات البناء والهدم والتجدد والتمثيل الغذائي واستخلاص الطاقة وحرقها بصورة طبيعية ، فلا يكون في هذا النظام الغذائي زيادة او نقصان عن الحاجة.
يهمنا أن نعرف أن الريجيم القاسي ينطوي على مخاطر صحية متعددة، فغالباً ما تحتوي هذه الحمية على صنوف قليلة كمياً وكيفياً من حيث مصادر الطاقة الأساسية، من بروتينات ، كربوهيدرات(سكريات)، نشويات ومواد حيوية أخرى، وكذلك الأمر بالنسبة للمعادن والفيتامينات.
مما يعرض الجسم الى حالة تجويع جبرية ونقص في بعض الفيتامينات والمعادن ، يظهر جليا من خلال ظهور العوارض المختلفه الخاصة بنقص الفيتامينات، ومنها تشوش التركيز والاضطراب المزاجي والكآبه والوهن الشديد وهشاشة الجلد وجفافه وترهله وزغللة في العيون وزيادة نمو الشعر ووهن العضلات وآلام عضلية او مفصلية، إضافة لكافة الأعراض المصاحبة لفقر الدم في حال وجد نتيجة نقص الحديد اوالفيتامين B12، من ضعف وآلام في الرأس ودوخه إلخ، وكذلك بعض المضاعفات المرضية الناتجة عن السموم في الدم.
إذ أنه ، من مخاطر مداومة استخدام الحميات القاسية أن جسدنا يستعيض بحرق الطبقات الدهنية المخزونة تحت الجلد من أجل تحصيل الطاقة الناقصة من الغذاء المتلقى الشحيح، ومعروف أن هذه الطبقات الدهنية من أكثر الأماكن احتواء لفضلات السموم الكيميائية المضرة التي يفرزها الجسم أثناء عمليات "الأيض" الإنسانية وإنتاج الطاقة العضوية، وبالتالي فإن حرقها يفرز هذه السموم ويبثها الى باقي انحاء الجسم، هذه السموم تهاجم الخلايا والمركبات الحيوية والإنزيمات(المحفزات) البروتينية في الجسم وتضر بعملها.
كذلك فإن استفراغ المخزون الدهني تحت الجلد بشكل سريع يؤدي إلى ترهل طبقات الجلد وهشاشتها.
كما أن النقص الكبير في السعرات الحرارية في هذا النوع من الحميات يؤثر بالضرورة على كفاءة الجسم في تسيير عمليات التمثيل وامتصاص المواد الغذائية الى الدم ،لإنتاج الطاقة اللازمة لتغطية نشاطنا الذهني والجسماني والباطني.
الحقيقة العلمية لهذه الحميات الصارمة هي أن الجسم يتعامل معها على أساس أنها أزمة غذائية، فيقوم بتبني نظام حرق وتخزين للطعام أقوى مما كان عليه من قبل الحمية ليواكب النقص العضوي، بالتالي بمجرد رجوع صاحب الحمية إلى عاداته الغذائية العادية فإن الجسم يسارع بتخزين الطعام بفعالية عالية كما اعتاد طيلة فترة الحمية وربما، تحسبا من الوضع السابق أن يعود ظنا منه بأن هذا التجويع سيدوم فيحاول بمنطقه البسيط (نقصد الجسم) أن يعد عدته ويستغل فرصة الأكل هذه، مما يؤدي لرفع الوزن لأعلى مما كان عليه قبل الحمية.
فإذن نحن نجوع أجسامنا،ونقصد بالتجويع نقصان في احتياجات الجسم بدرجتها الدنيا المطلوبة لتحقق نشاط طبيعي متكامل، وبالنتيجة، نحن نؤدي بجسدنا الجائع الى اضطراب قد يكلفنا صحيا، ويؤدي بنا الى استرجاع الوزن المفقود بمجرد العودة الى تناول الغذاء بالشكل الذي اعتدنا عليه قبل الحمية.
ماذا عن مستحضرات تخفيف الوزن الشائعة الاستخدام في مثل هذه الحميات؟
تتوفر في الصيدليات، وحتى في الأسواق ، مستحضرات مختلفة لخفض الوزن منها ما هو كيميائي ومنها ما هو طبيعي او نباتي بحت، وهي في جوهرها مستحضرات لا تعمل بمفردها ويجب أن تصاحبها حمية غذائية معتدله ومتوازنه مع نظام ممارسة رياضة اعتيادي للوصول لنتيجة مُرضية.
وأكثر هذه المستحضرات لا يزال غير معترف به كدواء حسب منظمة الأغذية والأدوية الأمريكية FDA، وهي في الغالب خلطات عشبية وكيميائية تعمل على زيادة معدل الإفراز وتخفف من حدة الشهية، إذن فالغرض من استعمال أدوية خفض الوزن هو تعويد الشخص المعني بتخفيض وزنه على نمط حياة يلتزم به حتى بعد نزول وزنه للحد المطلوب، بمساعدته على تغيير الممارسة اليومية جذرياً، من حيث اختيار نوعية الطعام وكميته وممارسة الرياضة كعامل أساسي، فأدوية خفض الوزن لا تعمل على تحريك أو إذابة أو إزالة الدهون المتراكمة في حالات السمنة الناتجة عن نمط الطعام ولا تعمل عمل السحر في يوم وليلة، هذه الأدوية تعمل عمل الإيحاء النفسي والتوجيه الى ضرورة اتباع نظام غذائي صحيح وليست في ذاتها سوى عنصر مساهم في تسريع حرق الطاقة او تنشيط عمليتي الافراز و"تبادل المواد" الطبيعيتان، وبعضها يحتوي على ألياف طبيعية المصدر مثل نبات البسيليوم او الغوارغام، والتي تنتفخ في الوسط السائل ويصبح حجمها اكبر في المعدة مما يغافل المخ الذي يحسب ان المعدة مليئة فيشير على الجسم بشبع آني سرعان ما يزول بخروج هذه الالياف مع الفضلات،والبعض الآخر يحتوي على الزنجبيل والمواد المنشطه لتفعيل الجسم وتسريع نشاطه، مما قد يسبب وهنه على المدى البعيد وأخرى تحتوى على مواد مطرية للمسالك الهضمية تعمل عمل المسهلات للحد من اكتمال عملية امتصاص الدهنيات.
وحقيقة أنه ، حتى الآن لا يوجد أي دواء يمكن تصنيفه على أنه حارق لدهون الجسم المتراكمة في نفسه سوى دواء واحد يدعى كسينيكال xenical، وهو دواء يصفه الطبيب في أصله لمرضى السكري من النوع الثاني ذوي الوزن المرتفع جدا بحيث يتعدى مقياس كتلة الجسم BMIالدرجة الطبيعية القصوى المقبولة( اي 27 فما فوق)- تماما كما كل المستحضرات الدوائية لمعالجة السمنه-،هذا الدواء تندرج تحته أعراض جانبية عدة، ناهيك عن الثمن الباهظ وهو مقرون بممارسة الرياضة والحمية المتوازنه في كل الأحوال..
كذلك فهنالك استعمال آخر للأدوية الحاوية على مواد فعالة تؤثر في مركز الشبع في المخ، مثل ريدوكتيل reductil المنتشر استعماله في اوساطنا، نحذر من تسببه بالجفاف والإمساك وتأثيره على السياقه والتركيز، وقد يؤدي الى شعور الكآبه، ولا ينصح به مرضى القلب وضغط الدم المرتفع، كما لا ينصح قطعا لهدف خفض بعض الكيلوهات على حساب البلبلة الهرمونية او النفسية التي قد يتسبب بها وخاصة لدى الفتيات ويرجى استشارة الطبيب واستخدام الدواء تحت رعايته الطبية لحاجة الى مواكبة ضغط الدم ودقات القلب ولأنه يؤخذ بطريقة التدرج في التركيز والمقدار.
غايتنا في هذا المقال، هي أن أفضل طريقة للوقاية من السمنة وحل مشكلة البدانة هي استخدام نظام غذائي سليم ثابت متواصل وممارسة الرياضة ولو متقطعه، للاستمتاع في الحياة اليومية والحصول على وزن مقبول يناسب اجتهادك فيهما، كثرة السهر والكسل والجلوس وطابع الحياة العشوائي هو سر تدهور اوزاننا، الفتيات خاصة يلجأن الى الطعام للتعويض عن الحنان المنقوص،علينا مواجهة الحياة بنظام حياتي متكامل وبناء نفسية متزنة صحية قلبا وقالبا ..
كذلك فإن الطريقة المثلى لحرق الشحوم المتراكمة في أجسامنا هي ممارسة الرياضة في جميع صورها ،خصوصا ً المشي اليومي مدة نصف ساعة على الأقل مع اتباع نظام تغذية صحي متوازن ودائم، بما فيه الإكثار من شرب الماء والسوائل الخفيفة الطبيعية. صيام النافلة قد يساهم في تنظيم عمل الجهاز الهضمي وضبط النظام الغذائي وحاجات الجسم عموما من الشهوات كلها.. فانه وجاء..
و أخيرا ً ، فإن اتباع إرشادات وتوجيهات ديننا الإسلامي الحنيف الذي يلتمس التوازن الحياتي النفسي ليتمتع الإنسان بصحة يؤكد عليها كل بحث علمي حديث في علم التغذية الحديثة في كل ما حضرنا منها حتى الآن.
فقد قال تعالى: "وكلوا واشربوا ولا تسرفوا"
ومن توجيهات مرشدنا الكريم صلى الله عليه وسلم :
عن أبي كَريمَةَ المِقْدامِ بن معْدِ يكَرِب-رضي اللَّه عنه-قال: سمِعتُ رسول اللَّه-صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم- يقَولُ: (مَا ملأَ آدمِيٌّ وِعَاءً شَرّاً مِنْ بَطنِه، بِحسْبِ ابن آدمَ أُكُلاتٌ يُقِمْنَ صُلْبُهُ، فإِنْ كَانَ لا مَحالَةَ، فَثلُثٌ لطَعَامِهِ، وثُلُثٌ لِشرابِهِ، وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ) .رواه الترمذي وقال: حديث حسن . وكذلك قوله (ص): "المعدة بيت الداء" فأولى وسائل الوقاية تكمن في المعدة وما يتناوله المرء من أطعمة وأشربة. وقال صلى الله عليه وسلم: (المؤمن يأكل في مِعىً واحدٍ، والكافر يأكل في سبعة أمعاء). والمراد أن المؤمن يأكل بأدب الشرع، فيأكل في معى واحد، والكافر يأكل بمقتضى الشهوة والشره والنهم، فيأكل في سبعة أمعاء.وندب-صلى الله عليه وسلم-مع التقلل من الأكل والاكتفاء ببعض الطعام إلى الإيثار الباقي منه، فعن أبي هريرة-رضي الله عنه-أن النبي-صلى الله عليه وسلم-قال: (طعامُ الواحد يكفي الاثنين، وطعام الاثنين يكفي الثلاثة، وطعام الثلاثة يكفي الأربعة).
فأحسن ما أكل المؤمن في ثلث بطنه، وشرب في ثلث، وترك للنفس ثلثاً، كما ذكر النبي-صلى الله عليه وسلم- ، فإن كثرة الأكل تجلب البطنة و قديما قالوا : البِطنةُ رأسُ الداء.
امنياتي للجميع بحياة صحية وسعيدة
اسوان
صيدلانية
0 תגובות:
إرسال تعليق
للتعليق من هنا